Posts

Showing posts from February, 2021

كورونا والفلسفة: إشكالات لا تنتهي

Image
  نُشر المقال على موقع المركز العربي للدراسات على الرابط التالي  http://www.acrseg.org/41569 ثمة عديدون اليوم ينفعلون بكورونا، في معركة يرى العالم فيها اختبار بقاءه البيولوجي ربما الأهم في تاريخه الحديث، معركة يقف فيها أحفاد أبقراط على خط المواجهة المباشرة، لكن ثمة أخرون ، يخوضون بدورهم جدالات أخرى مع كورونا وما يحمله لليوم والغد من تغيرات، وإن وقف هؤلاء في الخطوط الخلفية، ومن هؤلاء ولا شك المشتغلين بالفلسفة. في ثرثرة حول جدوي الكتابة في لحظات مفترضة لنهاية العالم، يمازحني صديقي أن المرء عند النهاية لا يبحث عن تنظير لمأساته بقدر ما يبحث عن مخرج لها، أي أن العالم اليوم يهمه الدواء واللقاح، لا الأطروحة والنظرية. وهو ما يُعيد سؤال جدوى الفلسفة وفعل التفلسف مرة أخرى إلى الواجهة، ليكون السؤال جديًا اليوم حول إذا ما كنا نحتاج صناع لقاح وأمصال، أم صناع أسئلة؟ وهو في رأيي يبقى سؤالًا ممتدًا عن جدوى الفلسفة بشكل عام، ويظل بلا أجوبة، لأن لا سبيل لحسم معركة الفلسفة والعلم نفسها. لكن المؤكد أن كثيرون اليوم يبحثون عن رأي الفلسفة والمتفلسفة، أمام جائحة لا تضع الإنسانية أمام تحدي بيولوجي ...

عن شاعر ممسوس - خاطرة

Image
يقولُ شاعرٌ ممسوس: حاولت مرة أن أكتب قصيدة عن ظل محبوبة تزورني في سكراتي، لكني حين أمسكت بالقلم رأيت الظل في المدى يتضاعف، وفي لحظة ساخرة أدركت أن لا مكان عندي لمحبوبة واحدة، ليس لأنهن كثيرات، بل لأنه لا محبوبة هنالك. كان الظل وهم السكرة، والحلم لم يكن سوا غفوة الشراب، لذا فبين الكأس والكأس كنت أنسى، وأعود للقصيدة، فتتفلت الكلمات. حاولت أن أرسم لها تمثالًا عماده الأبجدية، لكن مرة أخرى تداخلت الظلال، فأيقنت أن لا محبوبة هناك، وعدت للشراب، وبين كأس وكأس تداعى إلى رأسي داعي الوحدة، ودُهِشتُ من إنسان يتحمل هذا القدر منها؟! نظرت إلى الكأس فوجدتها فارغة، قلت هي كحياتي بلا ظل لمحبوبة، ورجعت للقصيدة، ورددتُ أن لا شاعر بلا ليلى. وحزنت، حزنت لأنه بين كأس وكأس سطعت أمامي حقيقة مُرة، وفي رأسي سمعت الآتي: لم تُحِب بل كتبت. قلت للمنادي: أي فرق؟ فرد علي: حين نرمو الكتابة نخلقُ ظلالًا، لكن حين نحب نخلقُ شُخوصًا. فُقت من سكرتي، على ظلالٍ تحوطني، وفي يدِ كل منها قصيدة لي، فسألت: لما تحملن قصائدي؟ قلن نحن القصائد، ونحن ملح التجربة، ورحلن! صرخت فلتبقين، لعلكن تحملن الظُلمة من قلبي، أو على الأقل تشاركنني ...

نيتشه: " عن الشفقة "

Image
ترجمة :   أحمد نبوي " خطأي الذي يبدو وأنني سأرتكبه إلى الأبد، هو أنني أتصور معاناة الآخرين أكبر بكثير مما هي عليه على الحقيقة. منذ طفولتي، وانا اتأكد مرة بعد مرة من فكرة أن "أعظم أخطاري تكمن في الشفقة ". - نيتشه ، خطاب بتاريخ ١٨٨٤ " " يبدو لي وأن الإنسان الذي يمتلك أطيب النوايا، قادر على أن يحدث ضررًا لا يُحصى، إذا افتقد الحماس الكافي ليتمنى الخير لهؤلاء الذين يعرضون عنه بروحهم وإرادتهم " - نيتشه ، خطاب بتاريخ ١٨٨٥ " تسمى المسيحية دين الشفقة. والشفقة تقف على الضد من المشاعر المنشطة التي تزيد من حيويتنا! إذ لها ذلك التأثير المحبط علينا. فنحن محرومون من القوة حين نشعر بالشفقة. وفقدان القوة الذي يتسبب بالمعاناة على هذا النحو لا يزال يزداد ويتضاعف بالشفقة. الشفقة تجعل المعاناة معدية. وفي ظل ظروف معينة، قد يؤدي ذلك إلى خسارة كاملة في الأرواح والحيوية لا يتناسب مع حجم السبب " - نيتشه ، عدو المسيح “ "لقد تجرأ البعض على وصف الشفقة بالفضيلة (في كل أخلاقيات نبيلة تعتبر نقطة ضعف) ؛ وكأن هذا لم يكن كافيًا، فقد أصبحت الشفقة الفضيلة والأساس والمصدر لجميع ...

حوار مع سلافوي جيجك

Image
سلافوي جيجك   متى عانقت السحاب سعادةً؟ مرات قليلة، حين أتطلعُ إلى مر ور لحظات سعيدة، أو أتذكرُ إحداها، لكني أبدًا ما كنت سعيدًا لحظة حدوثها. ما أكبر مخاوفك؟ أن أستيقظ بعد الموت، أريد أن أُحرق فورًا عقب موتي. ما أولىَ ذكرياتك؟ رؤية أمي عارية. مثيرٌ للاشمئزاز أليس كذلك! من أكثر من يعجبك من الأحياء، ولماذا؟ الرئيس الهاييتي المخلوع مرتين، جون برتراند أرستيدي، إنه نموذج لما يمكن أن يفعله المرء حتى في أشد المواقف يأسًا. أكثر صفة تكرهها في نفسك؟ عدم الاكتراث بمحن الآخرين. أكثر صفة تكرهها في الآخرين؟ استعدادهم الرخيص لتقديم يد العون لي حين لا أحتاجها أو لا أريدها. أشد لحظاتك حرجًا؟ الوقوف عاريًا أمام إمرأة قبل ممارسة الجنس معها. بصرف النظر عن الممتلكات، ما أغلى شئ أقدمت على شرائه في حياتك؟ الطبعة الألمانية الجديدة لأعمال هيجل المجمعة. ما أثمن ممتلكاتك؟ أنظر لإجابتي السابقة. ما الذي يجعلك مكتئبًا؟ رؤية الأغبياء سعداء. أكثر ما يضايقك في مظهرك؟ أنه يجعلني أظهرُ بالطريقة التي أنا عليها حقًا. عادتك الأشد غرابة؟ تشنجاتي اللارادية التي تصيب يدي عند الحديث، وتبعث على السخرية. أي زي تنكري قد تختار ...

«جنون متبادل»

Image
الحب الرومانسي ليس أثرًا قديمًا ولكنه اختراع للعالم الحديث. فمعظم المجتمعات عبر التاريخ لم تعرف أو تختبر الحب كما نعرفه اليوم. حيث اتبع الزواج وتكوين الأسرة قواعد أخرى. لم يُسمح فيها للناس باختيار شركائهم وحُرموا من المغامرات الرومانسية. في مجتمعات رُتبت الزيجات فيها من قبل الوالدين، وهي في أحسن الأحوال زيجات مبنية على تعاطف متبادل بين الزوجين. .... استمر ذلك حتى العام 1800 عندما بدأ مفهوم الحب الرومانسي كما نعرفه اليوم يأخذ لنفسه موطأ قدم عبر المجتمعات. ومعه جاء التصور بأن الوقوع في الحب - تمامًا مثل المرض - هو عملية لا يمكن التحكم بها وأن الزواج وتكوين أسرة لا يلزم أن يتبع الحسابات الاقتصادية بل يمكنه أن يعتمد على الانجذاب العاطفي أو الجنسي. ....   الحب ليس تجربةً عالمية   كيف نشأ هذا التفكير الراديكالي الجديد؟ بدأ المجتمع الحديث يصبح أكثر تعقيدًا وأقل تجانسًا- ولا يزال. حيث بدأت مجالات محددة لمشاكل وظيفية محددة في الظهور، وكذلك استمر تعزيز تطور العلم الحديث، والاقتصاد القائم على النقود، والمجال العام بواسطة الجماهير. في الوقت نفسه، ظهر لدينا فضاء معين من الخصوصية وا...