على عتبة الآلم نخلع الأحذية
في محاولة لإعتساف اللغة :
لا تعلمُ تلك العيون مقدار ما هو مخبأ من آلم وراء تلك النظرات الخاطفات، ذلك الآلم الخجول من ضعفه، الضعيف من خجله.
العيون حوالم، والزمان عثرة، والمكان واللحظة لا يكذبان، ووجودكِ في المكان هو خير دليل على وجود المكان، أنتِ يا موجودة يستعلى بوجودها الوجود.
في حضرتك تخبو كل الأشياء، تتوارى خجلاً أمام طغيان وجودك العبثي والساخر المستهين باللحظة والألم والمكان. your existence overdose all things.
حتى الزمان بإعتباره مكون أنطولوجي لا أراه يسمو إلا بحادث وجودك.
في حضرة الكل لا يوجد إلا الجزء، حقيقة لا يوجد إلا أنتِ!
باعثاً بكل ألمي، متهللاً بوصلك المقطوع - وصلك الذي يخون قطعك -.
الغياب؛ من أين لكِ بكل هذا الحضور، يا إمرأة لا يحتويها الغياب. يا إمرأة أقوى من أن أهزمها، ويا صبية أضعف من أن تهزمني.
أحمل أكفاني مترحلا منك إليك، غارقاً في غيابك، كغرقي المعتاد في حضورك. أترحل إلى مكانٍ حيث اللامكان. وكيف أجد من بعدك مكان وأنتي بتلك المسحة الحزينة في عينيك، أختزلتي كل معاني الآين والمكان.
يا مكاناً لم يوجد، ويا خيالاً لم يتحقق، ويا واقعاً كان أكبر من أن يعاش.
يا عار الأيام الخوالي ولوعة أيامي المقبلات، أكتب لتلك الأيام التي سنبكي فيها سوياً على ضيعة العمر في قطع لن يفيد إلا مازوخية العذاب. لذة العذاب ومتعة المعاناة. ترى اتلذذنا بالقطع أضعاف تلذذنا بالوصال !!
أكتب الآن بحروف لن تكتمل لتصير كلمات تكسر حواجز بنياناها بيننا سوياً. بكلمات لا رابط في الأفقِ بينها، أحفر بها وفقط في ذاكرتنا اليتيمة، الملعونة بوصالنا وقطعنا.
أيستوي الوصل مع القطع، أيصير القلب سعيداً بوصله كسعادته بقطعه؟!!
برغم بُعد الشقة فيما بيننا، ورغم طول السفر، وقلة الزاد - زاد الذكريات -
اكتب إليك ِ بحنين لن يشفيه نعيم الوصال. ولو أني أعلم في الوصال شفاءا لوصلت، ولو أعلم أن قطع قطعي يريحنا لقطعت القطع ووصلتك.
مع يقيني بأبدية القطع وأبدية الوحدة، وأزلية الاغتراب. أكتب إليك مع إنتحار كلماتي لأؤرخ أني حاربت بالكلمات ما وسعني الجهد لأكسر جليداً بنيناه سوياً بين العيون، عيون لا يشفيها الزمان على طوله ولا المكان على إقترابه.
يا خوفاً يهز الكيان، ويا نذير عدم ينبؤ عن شتاء طويل لا ينتهي. يا ضيعة العمر، ويا سوء المنقلب، ويا حسرة يغذيها الغياب.
على عتبة الآلم نخلع الأحذية منهكين ومعترفين بأن لوعة الغياب لن تموحها عبثية الحضور.
Comments
Post a Comment