Posts

Showing posts from March, 2021

بين الحقيقة والكذب: عن الأسطورة المؤسسة لعلم السياسة

Image
  مستعيرًا من هابرماس حين كتب"سيظل شبح ماركس شاخصًا فوق رؤوسنا للأبد"، أقول ماذا لو أن شبح أفلاطون سيظل هو الأخر شاخصًا فوقنا–نحن دارسي علم السياسة- للأبد. لكن إذا كان شبح ماركس معروفًا في شيوعيته، فما هو شبح أفلاطون؟ وأين نتلمسه من كتابات الفيلسوف؟ وابدأ لأقول أن شبح أفلاطون هو شبح الفارابي من بعده، وتوماس مور فيما بعد، إنها يوتوبيا أفلاطون، أسطورة الفلسفة السياسية التي لا تُمل. وأسطورة الفلسفة تبدأ من كهف أفلاطون، لتنتقل ليوتوبياه، فالبداية هي نظرية أفلاطون عن المثال، ومن حينها شبت المفارقة الدائمة بين ما هو واقع، وما يجب أن يكون، وحين استخدم أفلاطون نظريته في الفلسفة السياسية، فإنه أوجد لنا حُلمًا هو اليوتوبيا، أو المثال، وواقع وهو كل الأنظمة السياسية التي عرفتها البشرية، ومن لحظتها ونحن نعيش مفارقة بين ما نتخيله من عالم سياسي مثالي، وواقع هو الأبعد عن المثال. تقوم فكرة اليوتوبيا على فكرة أساسية وهي تخيل مجتمع مثالي، مثالي بمعنى أنه يُعلي من قيمة الحقيقة على ما سواها، وهو ما سيكون مقدمة لتأسيس علم السياسة كبحث عن الحقيقة، والحقيقة هنا بشكل عكسي هي اليوتوبيا، لذا نلحظ هذ...

إخوان السودان ... من تدمير الدولة لتعطيل الثورة

Image
   يؤرخُ لحقبة البشير التي استمرت لثلاثة عقود في السودان، على أنها واحدة من أسوأ تجارب حكم الإسلاميين في العالم العربي والإسلامي، تبدو هذه الحقيقة جلية عند القطاع الأكبر من المتابعين للشأن السوداني، إلا قطاع من الإسلاميين وأتباعُهم ممن عمتهم الأيديولوجيا عن رؤية الواقع وتجلياته الصارخة، التي تفقأ العين. السودان الذي تركه البشير وإسلامييه يرزح تحت الفقر طيلة ثلاثة عقود هي فترة حكم البشير للسودان، خرج في ثورة 19 ديسمبر يطلب الفكاك من حكم الإخوان المسلمين، ويعلن بوضوح نهاية التجربة التي أذاقت السودانيين سوء العذاب. فقر وقمع وتجويع وصراعات هنا وهناك، ودين الناس الذي صادره البشير وأصبح متحدثًا رسميًا عنه، يقتٌل ويسرِق ويغلف خطابه بالدين، فالفقر امتحان للمؤمنين، وقمع الرأي حماية للدين وللشريعة، من إفك لإفك عاش السودان والسودانيون، إلى أن جاءت الثورة ليكفُر السودانيون بالبشير ونظامه. ثلاثة عقود من الفشل         حظي الإسلاميون السودانيون بفرصة لم تُتح لغيرهم في الوطن العربي كله، حيث دانت لهم السودان لمدة ثلاثين عامًا، ولكنهم فشلوا في أن يحققوا مشرو...

العدالة والتنمية في تركيا: بين تصدير الإسلاموية خارجيًا وتبني العلمانوية داخليًا

Image
  ثمة جدلٌ لا ينضب بدأ منذ فترة ويمتد إلى اليوم، حول ماهية حزب العدالة والتنمية التركي، وحول انتماءه الأيديولوجي، ففي بلداننا العربية، ثمة موهومون بالحالة الاردوغانية، وبالتحديد من المنتمين للإسلام السياسي في المنطقة، ولطالما تغنى هؤلاء بأردوغان السلطان، وبشروا به خليفة للمسلمين، وعثمانيًا جديدًا يحمل حلم الخلافة على راحتيه، ليعيد حلمهم المتخيل في خلافة جامعة. هؤلاء ممن يهيمون بالحالة الاردوغانية ينطلقون من قناعة تنبع من تصور للعدالة والتنمية بكونه حزبًا إسلاميًا يحمل أيديولوجية الإسلام السياسي، ويبشر بالإسلام وشريعته، كما يعتقد فيها ويؤولها هؤلاء. لكن، هذا الطرح للعدالة والتنمية باعتباره حزبًا إسلاميًا يمثل مغالطة كبرى، وصفعة لتجربة الحزب وما أخبرت به. ونحاجج هنا بأن الحزب منذ نشأته مثلَ قطيعة كبرى وربما نهائية، مع الإسلام السياسي في تركيا، وإنطلاقًا من تبيان هذه المغالطة، سنتمكن من فهم "العثمانية الجديدة" التي يبشر بها أردوغان والعدالة والتنميةخارجيًا، وكيف أن الحزب إنما يخلط عامدًا إنطلاقًا من مصلحته القومية، بين تبنيه للعلمانية المحافظة في الداخل التركي منذ التأسيس وإلى...

إسلاميو الجزائر من العشرية السوداء إلى انتخاب تبون

Image
  الإسلام السي اسي بين الأيديولوجيا الأخلاقية والممارسة البرجماتية يغلُب على المعالجات النظرية لحركات الإسلام السياسي، حالة من الولع بالمعالجة الإيديولوجيةلهذه الحركات، أعنى حالة التركيز على البعد الأيديولوجي عند معالجة ماضي وراهن ومستقبل هذه الحركات، وكأننا نتعامل مع منتوجات إيديولوجية نقية، إنما الواقع في الحقيقة على النقيض تمامًا من هذه الرؤية المبتسرة لهاكمحركات، وكما يشير الباحث مارك لينش المتخصصبسياسات العالم العربي بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أنه علينا كباحثين أن نُطل على الأحزاب الإسلامية ليس بوصفها أطرافاً إيديولوجية محضة،بل كحركات سياسية عقلانية تتفاعل مع فرص وتحديات سياسية في بلدانها . [1]فمسار الحركات الإسلامية على امتداد القُطر الإسلامي كان يحمل دائمًا مزيجًا من النظرية والممارسة، فتارة تُصدر هذه الحركات خطابًا أيديولوجيًا محضًا يُعلِي من تصورات هذه الحركات عن الإسلام وبرنامجه السياسي والاجتماعي كما تتصوره هذه الحركات، وتارة تتعامل مع الواقع الفعلي من خلال برجماتية محضة تُعلِي من المصلحة على أي اعتبار إيديولوجي. ويفسر أوليفييه روا هذه البرجماتية في كتابه "تجربة ا...

"النهضة" التونسية ... قراءة في مسار الحركة وتجربتها في الحكم

Image
يبدأ التأريخ لنشأة حركة النهضة في تونس في العام "1972”،وذلك بنشأتها تحت مسمى "الجماعة الإسلامية" ثم تحول الاسم إلى "الجهاد الإسلامي" نهاية بــ "حركة النهضة" وهو المسمى الحالي للحركة. لَكِن وإن كان هذا التأريخ هو ما يصلُح زمانيًا، إلا أننا نقترح مجازًا تأريخًاآخر للحركة يُقسم تطورها لثلاثمراحل،الأولى هي تاريخ النشأة في العام "1972”، حيث وضعت اللبنات الأولى للحركة، وتتالت بعدها المؤتمرات العامة للحركة،التي صكت فيها منهجها وعقيدتها الفكرية، والثانية نقترح لها العام "2011" وما أحدثته الثورة التونسية من انفتاح مكن الحركة من الوصول للسلطة والانتشار الواسع، والثالثة في العام ”2016” ، وذلك في المؤتمر العاشر للحركة، وهو المعروف لاحقًا بمؤتمر الفصل بين السياسي والدعوي. وفي هذا التقرير نشرعٌ في قراءة مسار الحركة من مرحلتها الثانية، حيث التحول من جماعة معارضة لجماعة حكم في العام "2011"، وذلك بالاشتباك مع مسارات محددة، نعتقدُ بأن الحركة قد انتهجتها في تجربتها للحكم. لننتهي باستشراف مستقبلي لمستقبل الحركة. الأسلمة كبديل للدمقرطة واحدة من ال...