بين الحقيقة والكذب: عن الأسطورة المؤسسة لعلم السياسة

مستعيرًا من هابرماس حين كتب"سيظل شبح ماركس شاخصًا فوق رؤوسنا للأبد"، أقول ماذا لو أن شبح أفلاطون سيظل هو الأخر شاخصًا فوقنا–نحن دارسي علم السياسة- للأبد. لكن إذا كان شبح ماركس معروفًا في شيوعيته، فما هو شبح أفلاطون؟ وأين نتلمسه من كتابات الفيلسوف؟ وابدأ لأقول أن شبح أفلاطون هو شبح الفارابي من بعده، وتوماس مور فيما بعد، إنها يوتوبيا أفلاطون، أسطورة الفلسفة السياسية التي لا تُمل. وأسطورة الفلسفة تبدأ من كهف أفلاطون، لتنتقل ليوتوبياه، فالبداية هي نظرية أفلاطون عن المثال، ومن حينها شبت المفارقة الدائمة بين ما هو واقع، وما يجب أن يكون، وحين استخدم أفلاطون نظريته في الفلسفة السياسية، فإنه أوجد لنا حُلمًا هو اليوتوبيا، أو المثال، وواقع وهو كل الأنظمة السياسية التي عرفتها البشرية، ومن لحظتها ونحن نعيش مفارقة بين ما نتخيله من عالم سياسي مثالي، وواقع هو الأبعد عن المثال. تقوم فكرة اليوتوبيا على فكرة أساسية وهي تخيل مجتمع مثالي، مثالي بمعنى أنه يُعلي من قيمة الحقيقة على ما سواها، وهو ما سيكون مقدمة لتأسيس علم السياسة كبحث عن الحقيقة، والحقيقة هنا بشكل عكسي هي اليوتوبيا، لذا نلحظ هذ...